مصدر الصورة: حساب الميزاري في الإنستغرام - الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) عام ٢٠١٩
الإعلام هو "سلاح العصر" و"الوسيلة لإيصال أفكارنا وثقافتنا إلى العالم"، هذه العبارات جعلت من خريجة قسم التجارة، إعلامية فلسطينية في عصرنا الحالي.
تخرجت الصحفية ومقدمة البرامج، سحر الميزاري، عام ٢٠٠٣، من الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، من فرع إدارة الأعمال، ودخلت مباشرةً في المجال الإعلامي، عام ٢٠٠٤، كمنتجة مقابلات (Interview Producer)، في مؤسسة دبي للإعلام، فأكملت عملها إلى أن انتقلت لتلفزيون الآن في تشرين الأول (ديسمبر)، عام ٢٠٠٧، حيث عملت "كمذيعة" نشرات الأخبار. وبعد عام من تلقي خبرة التقديم، انضمت الميزاري إلى عائلة شبكة قنوات دبي، عام ٢٠٠٨، وفي عام ٢٠١٥، لم تترك الصحفية خبرة ميدان العمل سلاحها الوحيد، فأكملت دراسة الماجستير في جامعة السوربون أبوظبي، وفيما يلي نص الحوار الذي دار ما بين سحر الميزاري ورزان أبو شقرا.
الإعلام "سلاح العصر"، هذه هي نظرتك على هذا المجال الذي استطاع أن يجذبك من إدارة الأعمال إلى الصحافة وتقديم البرامج. ولكن هل للواقع الوظيفي أي دور في هذا؟ أي هل عدم وجود فرصة مهمة في الوطن العربي أدت إلى أن تفكري في الانخراط في المجال الإعلامي؟
في الحقيقة، درست في الجامعة إختصاص إدارة الأعمال، لأنه في تلك الفترة، لم يكن هنالك شيء أحبه بالتحديد. فكان معظمنا لا يعرف ما يريده، يدخل إختصاص إدارة الأعمال لأنه آمن، حيث يستطيع الشخص أن يعمل في أي مكان آخر. فلم يكن طموحي منذ الصغر الدخول إلى الإعلام، فلست مثل البعض الذين يقولون "أنا كنت كل حياتي أحلم أن أكون أمام الشاشة." ولكن في الجامعة يجب على الطالب أخذ مواد اختيارية بعيدة عن مجاله. فاخترت المواد التي لها علاقة بالإعلام بسبب تقديم مارسيل خليفة مادة في الجامعة اللبنانية الأمريكية (LAU)، يتكلم فيها عن الحوار (Dialogue)، وعن أهم الأشياء التي تحدث في لبنان والعالم العربي والسياسي وطرق المناقشة والمحاورة في المقابلات. فشعرت بعدها أنني أمتلك القدرة على أن أسأل وأجاوب، وهذا كان رأي مارسيل خليفة وغيره من الموجودين. فتابعت بمادة ثانية لأن هذا المجال أعجبني ولكنني كنت على وشك التخرج فقررت أن أكمل في المجال الأكاديمي وأنهي شهادة البكالوريوس. وجئت إلى دبي لأحظى بفرصة عمل في المجال الإعلامي. كان تلفزيون دبي يعمل على تغيير طاقم العمل بالكامل وكان عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي، الاستاذ علي جابر قادماً من قناة المستقبل. فقدمت للمقابلة كي أعمل كمذيعة فوافقوا على أن أعمل في شيء ثانٍ كي أتطور حتى أصبح مذيعة. فعملت وراء الكاميرا من 2004 حتى 2007 وتدرجت في كل المناصب إلى أن وصلت للتقديم على الهواء. فكان دخولي على الإعلام ليس لسبب عدم وجود فرص في إدارة الأعمال، بل لأنني كنت محظوظة حيث رأى علي جابر بشخصيتي شيء يستحق الاستثمار فيه. فبدأت مسيرتي المهنية من هناك علماً أن الدخول إلي مجال إدارة الأعمال شيء أسهل لوفرة فرص العمل، فمن يعمل في الإعلام يجب أن يكون لديه مواصفات معينة لها علاقة بالمضمون والشخصية.
لم حصلت على بكالوريوس في إدارة الأعمال "كنصيحة من الآخرين"؟
لم يكن هناك شيء محدد "في بالي" ولم يستحوذني مجال الهندسة أو الطب رغم أنني درست مواد علمية وتخرجت بمعدل عال وكان معظم الأهل في ذلك الوقت يفضلون مجال الهندسة أو الطب لأبنائهم. ولكن لأنني لم أستطع أن أختار شيئاً معيناً. فقررت أن أدخل مجال إدارة الأعمال الذي سيسمح لي أن أفكر وأعمل في أماكن مختلفة. وأضيف بأن شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال كانت نافعة في مجال التسويق والإدارة ولهما صلة واضحة في التلفزيون وصلة في أن تفهمي هيكل العمل فيما له علاقة بـالمدراء والموظفين. فأعتبر أن هذا شيء أضاف على مخزون معلوماتي.
لنعد إلى أيار(مايو) 2004، أول يوم عمل في مؤسسة دبي للإعلام. ماذا كان شعورك "كدخيلة" كما يقول البعض، على هذا الوسط؟
في الوقت الحالي، يوجد خريجو إعلام لا يعملون في هذا المجال، لأنه يوجد هناك ضغط لعدم توفر الوظائف وأيضاً لأن المادة الإعلامية هي مادة تقرأ بسرعة، لذلك من يعمل في هذا المجال هو عرضة للانتقاد بسبب اختلاف آرائنا حول المادة الإعلامية. لذلك لا يمكننا أن نحكم بشكل ما فقط، لأنه يوجد العديد من ليس لديهم القدرة في أن يتحملوا عبق وضغط وجودهم تحت الأضواء ويتلقون الانتقادات البناءة تارة والمزعجة تارة أخرى.
ما رأيك في الوسط الآن، هل وسائل التواصل الإجتماعي قللت من قيمة الصحفي المرموق في صناعة المحتوى الذي يقدم لأفراد المجتمع، أم أنها زادت التنافسية فيما بينهم وحثت على الابتكار؟
أول ما بدأت وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي، كان هناك هذا النقاش المستمر. هل وسائل التواصل الاجتماعي سيأخذ مكان الإعلام الكلاسيكي أم يستطع الإعلام الكلاسيكي أن يقمع هذه الوسائل؟ فظهر عدد من الأشخاص ليس لهم علاقة بالإعلام أو بالثقافة. ومازال البعض من هؤلاء، بعد سنوات عديدة، يعتمدون على محتوى رخيص مثل الصحافة الصفراء، ولكن مع الوقت تبين أنه مزيج ما بين الاثنين فلا يمكن فصلهم. فإن كان عندك موقع الكتروني، لا يكفي، فأنت بحاجة للصحفيين على أرض الواقع ليتحققوا من الأخبار وهذا يدعى الإعلام الكلاسيكي. فأنا أرى أن التنافسية أهم ولا يمكن لأحد أن يطغى على أحد، وأشك في عدم وجود تلفزيون في الوطن العربي في المستقبل، لأننا لا نملك بنية تحتية قادرة على توفير التكنولوجيا البديلة لهذه الوسيلة في معظم البلدان. فنعم، يوجد تنافس ويوجد المحترف وغير المحترف في التلفزيون والوسائل الأخرى ولكن لا يستمر إلا من لديه المحتوى الذي يفرض نفسه.
نشهد في وطننا العربي أحداثاً عدة، سياسية كانت أم اجتماعية. ونرى الأحداث بعدسات كاميرات المواطنين وحروف كلماتهم. فإن استطاع المواطن العادي أن يقدم ما يقدمه الصحفي المتمرس. فما معنى لأن يكون هناك أشخاص متخصصون في هذا المجال؟ لما لا نترك الأحداث تصنع قصصها وتقدم نفسها لمن يعنيه الأمر؟
نعم أؤمن في أن المواطن الصحفي قادر على تقديم محتوى قيم، فأي شخص يحمل هاتفاً ذكياً وقادراً على أن يجب على أسئلة الصحافة الخمس ويقدمها للجمهور، هو صحفي بالتأكيد. ففي فترة الربيع العربي، استطاعت صحافة المواطن أن تؤثر، فمثلاً عندما بدأت الثورة في سوريا لم تكن وكالات الأنباء منتشرة في الارياف وكان لحاملي الهواتف الذكية دور في نقل ما يحصل، ومع مرور الوقت كشفت وكالات الأنباء العالمية، أن بعض الفيديوهات لم تكن صحيحة ووقع فيها مجموعة من الإخباريات الخاطئة (Fake News) مثل العربية. لذلك يجب التدقيق قبل استخدام أي محتوى فوجود الصحفي على أرض الواقع مهم جداً للتأكد من مصدر الخبر.
قال بعض الصحفيين والمحللين السياسين أن هذه الأحداث التي تحصل الآن،استطاعت أن تزيح الثورة الفلسطينية وهدف إرجاع البلد المحتل من أهداف العرب؟ كمواطنة فلسطينية، هل تظنين ذلك وهل تؤمنين أن يوجد من يفتعل هذه الأحداث في سبيل تشتيت العرب؟
القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة العادلة في العالم، لأنه البلد الوحيد المحتل من قبل الإسرائيليين ولا يمكن لأي انسان بالعالم أن يلغي القضية، إلا أنه من قبل لم تكن البلدان العربية واقعة في مشاكل مثل هذه الأيام، فأصبح كل وطن "غرقان" بشكل تام بشأنها الشخصي، فجزء من هذا يفيد الجانب الإسرائيلي وجزء من يحركه الإسرائيليون بنفسهم كي يشغلوا الآخرين كي يتوسعوا كما يحلو لهم. لذلك كلما تكون هناك جبهة مشتعلة في أي مكان في العالم، وكل الانظار عليها من قبل الأمم المتحدة، وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، يحصل هنالك توسع استيطاني داخل الأراضي الفلسطينية لأنه لا يكون هناك اهتمام كافٍ لحماية البلد. فلذلك يحاول الإسرائيليون من خلال سياستهم الخارجية أن يوجهوا الأنظار في العالم والخليج على أهداف أخرى مثل إيران وكأنها هي العدو الأساسي كي تصبح الدول تخشى من التوسع الإيراني.
يقال إنّ الصحافة هي السلطة الرابعة، ولكن في بلد مثل الإمارات هل تعتقدين أنكم تمارسون مهنة السلطة الرابعة أم أن هنالك خطوط حمر لا يمكن قطعها؟
إذا كنت تعتقدين بأنه يوجد صحافة حيادية وشفافة مئة في المئة في أي مكان في العالم فأنت مخطئة. لأن لا في أمريكا ولا لندن ولا أي مكان في العالم. وإن بحثت كم من الصحفيين الذين تم حبسهم في بلدانهم بسبب حديثهم عن شيء معين ستجدين رقماً هائلاُ ممن تعرض للأذى في العالم الغربي قبل العالم العربي، فلذلك يجب أن نكون عادلين بهذا الشأن وأنصح بقراءة بيان "اليونيسيف"، الذي تضمن عدد من الصحفيين الذين تم تصفيتهم داخل بلدانهم وليس خلال تغطية الحروب بعيداً عن أرضهم. وأيضاً لنعطي دبي حقها، فمن في العالم العربي يعيش بأمان مثلما يعيش الناس في دبي، والخطوط الحمراء موجودة في أي مكان وليس من الضروري أن تتحدثي عن شيء حساس بشكل مباشر، ولكن يمكنك أن تعالجي عليها بطريقة لتحفظ وجه الحكومة التي تقطن فيها. فإذا قلت لك لا وجود للصحافة فسأكون مجحفة بحق البلد، وإذا قلت لا حرية فأيضاً سأكون مجحفة بحق البلد. ففي أميركا، بلد الحرية، حين يتطاول الصحفي على الرئيس لعدة مرات يفتحون للصحفي ملفات داخلية يتم سجنه والتحقيق معه. فالحقيقة لها أوجه أخرى، لذلك تُنادى الحرية للصحفيين في كل العالم لأن هم من يتعرضوا للأذى في أغلب الأحيان.
في عامك الخامس عشر في المجال الإعلامي، ما الأشياء التي تعلمتها بالإنضمام إلى المؤسسات الإعلامية في دبي وما مصير الإعلام في الأعوام القادمة؟
أنا شخص آخر بعد خمسة عشر عاماً، تعلمت كثيراً وطورت من مهارات. وأنا شخص يحب أن يعمل بجهد من اليوم الأول في حياتي، ففي المدرسة والجامعة وحتى علاقاتي الشخصية وهذا الشيء ينطبق على العمل. فهل أنا مثلما ظهرت منذ إحدى عشرة سنة؟ لا طبعاً، فالهواء يعلم الصبر وسرعة البديهة واطلاع، لذلك نواجه من يكون قارئاً فقط ومن يكون صحفياً ومن يكون محترفاً ومن يستطيع قراءة الأخبار ولكن لا يستطيع محاورة أحد. فأنت مثلما طورت من نفسك ستصل إلى ما تريدينه. فأنا حصلت على الماجستير، التي تخولني أن أدرس في الجامعة كما أنني مدربة معتمدة في المجال الإعلامي، حيث أهلت نفسي كي أستطيع أن أدرب فئة من مجلس الوزراء في الإمارات، "قادة المستقبل الإماراتيين". أما عن مصير الإعلام، فهذا المجال واسع بأفرعه ولكن أرى أنه من دونه لا وجود لشيء، فالإعلام من اسمه "يعلم الآخر" فلا يمكن أن نصل إلى وقت يختفي الإعلام فيه. فمثلاً، لعبة كرة القدم كسبت شهرتها بعد إضافة المعلق الرياضي الذي استطاع أن يعلم الآخر. فيمكن أن يغير الإعلام بين أشكاله المختلفة ولكنه لن يختفي.
Comentários