التحديَّات والعراقيل
حقوق الصورة تعود إلى "شبكة النبأ المعلوماتيَّة".
"لا أريد أنْ أعمل في إعداد التقارير الصالحة للعرض الرقمي وهذا لأنَّ المؤسسات الإعلاميَّة العربيَّة لا تنصف الصحفي أو تعطيه حقه معنوياً أو مادياً إذ أتقن هذا العمل"، هكذا كان رد محررة في مجلة "كل الأسرة"، سلام ناصر الدين، التي مازالت تكتب النصوص فقط مع إضافة صورة واضحة ومعبرة "كروافد النص الإخباري". بالرغم من أنَّها مقتنعة أنَّ "إنتاج محتوى للمنصات الرقميَّة بأشكالها المختلفة ستساعدني في تطوير مهاراتي كصحفيَّة مواكبة لتطورات الإعلام".
ففي مقابلة عبر الهاتف، تعبِّر ناصر الدين عن استيائها بالمحتوى التي تقدمه اليوم، المؤسسات الإعلاميَّة العربيَّة، وتصفهم "بالمحتوى الفارغ"، مردفتاً "الصحفي العربي يريد مواكبة الأجنبي لكنه ينسى الاهتمام بالمحتوى قبل الإفراط بتزينه وجعله في قوائم الأخبار المثيرة".
ومن الأرجح أنْ لا تكون ناصر الدين الصحفيَّة الوحيدة التي تفكر كذلك. فمازال في الإعلام العربي، العديد من رؤساء تحرير وصحفيين تقليديين الذين لم يختبروا الطرق الجديدة لإيصال الخبر للمتلقي، عبر وسائل غير تقليديَّة، أي لا تتجه بشكل خطي من المرسل (الصحفي) إلى المتلقي (القارئ)، بل يكون التواصل "دينامكياً" أي مشاركة المتلقي رأيه بشكل مباشر مع المرسل. وهذا يشكل واحد من أكبر التحديَّات التي يواجهها الإعلام الرقمي العربي اليوم.
ففي حديثه عن التحديَّات الذي يواجهها التقني عند العمل في مؤسسة عربيَّة، يقول المسؤول التقني لموقع "كل الأسرة" الإلكتروني، حسن الدرويش، بأنَّ "تحديات العمل مع الصحفي التقليدي تكون متعلقة بطريقة صياغة وتركيب المادة وتقديمها كمحتوى رقمي" مضيفاً أنَّ "قارئ المحتوى الرقمي يختلف كثيراً عن المحتوى المطبوع، فهو قليل الصبر".
ويشدد الدرويش على أنَّ "القارئ العربي أصبح يهتم بالمرئيات اليوم أكثر من قيمة المحتوى المقدم له" معللاً هذا "ببحث القراء عن محتوى مسلٍ فقط، خاصة بعد يومٍ طويل مليء بالضغوط الحياتيَّة". ويوصي "للقيام بإعادة صياغة محتوى تقليدي وتحويله لمحتوى رقمي ناجح يجب تدريب الصحفيين على إتقان استخدام الأدوات المتنوعة التي تسهل صنع الانفوجرافيك أو الفيديوهات القصيرة"، من خلال تلك المهارات يمكن للصحفي أن ينتج محتوى مختصر دون فقدان أي من أركان الخبر.
وعند سؤاله عن مدى حديَّة المنافسة الذي يشكلها الإعلام الرقمي، يشرح المسؤول التقني بأنَّه "جعل هذا النوع الجديد من الإعلام، منبر لكل فرد في المجتمع، فأي شخص بإمكانه أنْ ينافس وكالات الأخبار في سرعة تداول محتواه". لذلك يعبر عن قلقه في توجهات وخطط الإعلام العربي المستقبليَّة، "فهل تخسر وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلاميَّة مصداقيَّتها وشفافيَّة عملها وهي تنافس جمهورها؟"
"تخسر المؤسسات الإعلاميَّة مصداقيَّتها اليوم وهي في حالة استنفار كي لا يسبق الخبر المفبرك خبر وكالتها الأساسيَّة"، هكذا ترد منتجة المقابلات في اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، ريهام الشايب، الذي تقلق من "قوة تأثير منصات التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونيَّة التي غالباً تكون دون ضوابط حكوميَّة معيَّنة عكس ما هو الحال السائد في الدول الخليجيَّة". فتقول بأن "انتشار الخبر المفبرك سيجعل القارئ يصدق الخبر الذي يطابق معتقداته فقط وهذا أكبر تحدي لنا بعدما جعلت التكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعيَّة، السلطة الخامسة".
وتطالب الشايب من الحكومات المسؤولة "وضع يدها بيد الإعلام للحد من وسعة تداول الأخبار الغير صحيحة كي يتسنى للمؤسسات الفرصة على إنتاج محتوى رقمي متنوع يليق بالمعايير الدوليَّة".
جدير بالذكر بأنَّ منذ عام ١٩٩٠ ظهرة فكرة "الإعلام الرقمي"، الذي أغنى القارئ عن قراءة التقارير النمطيَّة. فبحسب تقرير أكادميَّة الإعلام الجديد لعام ٢٠٢٠، اعتمد ٧٩٪ من الشباب العربي على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للأخبار اليوميَّة، وتسجل الإمارات المعدل الأعلى إقليمياً، أي ١٠ حسابات للشخص الواحد.
لذلك أطلقت هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، "نظام ضمان أمن المعلومات في دولة الإمارات" في ٢٠٢٠، للحد من تداول الأخبار المفبركة.
Comentários