يتطوَّر العالم بشكل سريع ومعه تتطوَّر تقنيَّات التواصل والبث. فليس غريباً في هذا العصر أنْ نسمع الخبر أولاً من وسائل التواصل الاجتماعي، كما حصل في كانون ثاني/ يناير ٢٠٠٩، حيث بُثَ خبر اصطدم رحلة الخطوط الجويَّة الأمريكيَّة رقم ١٥٤٩، أولاً على منصة تويتر.
وبات ما يخشاه معظم الصحفيين ورؤساء الدول، هي سرعة تداول الأخبار قبل تأكد الجهَّات الرسميَّة من مصدقيتها. فبرأيهم الأخبار المفبركة هي الأكثر خطورة على المجتمعات بسبب تضليلها للحقيقة. فوفقًا لصحيفة واشنطن بوست، وجد باحثون في جامعة نيويورك وجامعة غرونوبل ألب الفرنسيَّة أنَّه ما بين آب/ أغسطس ٢٠٢٠ إلى كانون ثاني/ يناير ٢٠٢١، تلقت المقالات التي تحتوي على معلومات مضللة ستة أضعاف الإعجابات والمشاركات والتفاعلات أكثر من مقالات إخبارية مشروعة.
لذلك، هل للإعلام أمل في السيطرة على انتشار الأخبار المفبركة في عالم التكنولوجيا؟
وجهة نظر الإعلام
"مازالت وسائل التواصل الاجتماعي لم تسيطر بشكل تام على الأخبار المفبركة" هكذا يقول كبير منتجي الأخبار في تلفزيون الشرق، محمد السلطي، في مقابلة صوتيَّة على الواتسآب. ويشدد على أنَّ "الإجراءات التي تتخذها شركات التواصل الخاصة لا تتوسع في نطاقها لتشمل كل اللغات المتداولة أو حتى لتحديد الأخبار المفبركة التي هدفها تضليل المجتمع".
ويعتبر السلطي السيطرة على فبركة الأخبار "شيئاً محتملاً وهذا عبر وضع ضوابط وتنظيمات تشريعيَّة تحديداً لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي تندرج تحت القطاعات الخاصة". لكنه يشير إلى أنَّ الشركات المسؤولة عن أهم وسائل التواصل الاجتماعي وأكثرهم تداولاً تواجه تحديات وتنظيمات تشريعيَّة كبيرة من الدول، "لذلك لم تستطع السيطرة على المحتوى بشكل كبير خاصة في الآونة الأخيرة".
وفي حديثه عن وباء كوفيد - ١٩ وتداعياته على المنصات الألكترونيَّة، يقول إنَّه "زاد الأمر تعقيداً" مردفاً "يواجه فيسبوك إنتقادات من المشرعين الأمريكيين ومن دول أخرى" وهذا بسبب الإرشادات الطبيَّة الخاطئة والأخبار المضللة فيما يخص اللقاحات التي اعتمدتها منظمة الصحة العالميَّة.
وعلى الصعيد السياسي، يرى السلطي، فشل وسائل التواصل الاجتماعي في ضبط المحتوى السياسي المتداول. ويشرح "في الملعب السياسي، تصبح القيادات الحاكمة هي المحركة والمتحكمة في ما يُنشر من أجل دعم حملتها السياسيَّة وتقويَّة سلتطها الحكوميَّة من خلال التواجد على منصات يستخدمها أفراد المجتمع يومياً وغالباً ما تكون مرجع الأخبار الأول لمن لا يقرأ الأخبار من مصادره الإعلاميَّة".
لذلك يؤكد على أنَّ دور الصحفي اليوم يكمن في "عدم التهاون بأخلاقيات المهنة لإيصال المعلومات والأخبار الصحيحة والمتوازنة ولا يخلط آراءه بالحدث". وعن الحلول المقترحة، يطالب السلطي الإعلام العربي، "العمل على زيادة نسبة الوعي عند القراء من خلال تقويَّة دور المنصات التي ترصد الأخبار الكاذبة وتشرح كيف يمكن أنْ يطبقها القارئ العادي بالأساليب التي يستخدمها الإعلاميون والمختصون".
تويتر وإجراءاتها "لحماية المجتمع"
ورغم انتقادات أهل الإعلام، إلا أنَّ القائميين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي يلعبنا دوراً مهماً في تشديد الرقابة البشريَّة والرقميَّة للتأكد من صحة الأخبار المتداولة على مواقعها حول العالم حسب قدرتهم. فلكل وسيلة تكنولوجيَّة وسيلة أكثر قوةً وتحكماً منها.
ويوضِّح مدير السياسة العامة والحكومة والعمل الخيري في تويتر "MENA PAK AFG IRN"، جورج سلامة، في مقابلة هاتفيَّة، على أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي "فخورة بقدرتها على استخدام التكنولوجيا لحماية المجتمع من الأخبار المفبركة".
وعن أهميَّة المنصات في نشر التوعيَّة، يقول إنهَ "مع تداعيات وباء كوفيد - ١٩ وتوسع توزيع اللقاح عالمياً، يستمر الأشخاص في اللجوء لمنصة تويتر لمناقشة ما يحدث والعثور على أحدث معلومات الصحة العامة الموثوقة". لذلك "تشعر منصة تويتر بالمسؤوليَّة في العمل على تطبيق إجراءات تحمي المستخدمين وتخدم المصلحة العامة للمجتمع".
ويذكر بعض الإجراءات منها "نظام المخالفات الذي يمكنه تحديد متى يلزم اتخاذ مزيد من الإجراءات وهذا يساعد في تثقيف الجمهور حول سبب انتهاك محتوى معيَّن سياسة تويتر وبالتالي الحد من انتشار المعلومات التي قد تكون ضارة ومضللة على تويتر بشكل أكبر". ويؤكد سلامة على استمراريَّة المنصة في مساعدة المستخدمين للوصول إلى المعلومات الصحية الموثوقة بالشراكة مع منظمة "اليونيسيف" وغيرها من المؤسسات الطبيَّة.
الجدير بالذكر، منذ كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٠، عملت منصة تويتر على حماية المحادثة العامة المحيطة بوباء كوفيد - ١٩، من خلال إضافة ميزة مخصصة للبحث عن الوباء لعرض محتوى رسمي وموثوق به في الجزء العلوي من البحث والذي تم توسيعه إلى أكثر من ٨٠ دولة حول العالم وهو متوفر ب٢٩ لغة. وتم وتشديد الرقابة على المحتوى الذي ينشر على الموقع. ومنذ آذار/ مارس من العام الجاري، أزالت تويتر أكثر من ٨٤٠٠ تغريدة وتم توسيع تغطيَّة كشف مصادر الأخبار ل١١.٥ مليون حساب في جميع أنحاء العالم.
وقامت شركة "فيسبوك" بإمداد أكثر من ٢ مليار شخص من ١٨٩ دولة بمعلومات موثوقة حول فيروس المستجد من خلال مركز معلومات كوفيد-١٩. وأطلقت في تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٠، حملة تثقيفيَّة تحت عنوان "تأكد قبل ما تشارك" بهدف رصد الأخبار الكاذبة خصوصًا تلك المتعلقة بجائحة كوفيد-١٩. كما أزالت الشركة أكثر من ١٢ مليون محتوى على فيسبوك وإنستغرام تحتوي على معلومات مضللة يمكن أن تُعرض سلامة المجتمع للخطر.
Comments