الإعلام ورأس المال: كیف یتم "تدجین" الصحافة وتطويع الصحفيين ووسائل الإعلام؟
في زمن احتكار مايكل بلومبرج وروبرت مردوخ وجيف بيزوس وغيرهم من أصحاب المليارات في العالم، سوق الصحف والتلفزة، ينظر الصحفيون على أن رأس المال يلعب دوراً محورياً في التأثير والتحكم بالمؤسسات الإعلاميَّة.
ويعبِّر بعض الصحفيين عن استيائهم من انعدام حريَّة التعبير والفكر خاصة في الدول التي تكثر فيها النزاعات السياسيَّة والحزبيَّة أو التدخلات الخارجيَّة. لذلك هل للمؤسسات الإعلاميَّة مفر من إتباع أجندات سياسيَّة خاصة؟
الأموال الخاصة تؤثر على المصالح العامة
"لكل صاحب نفوذٍ وسيلة إعلاميَّة تبلور صورته وتشوه صورة خصمه أمام الجمهور"، هكذا وصف الصحفي الخبير في الشؤون الإقتصاديَّة، خالد أبو شقرا، المشهد الإعلامي اليوم معللاً أن "الكعكة الإعلاميَّة صَغُرت" وليس بمقدارها تغطيَّة نفقات مؤسساتها ومصاريفها من خلال الإعلانات.
وأشار إلى أنَّه في ٢٠١٩، انخفض الاستثمار الإعلاني إلى ١٣٠ مليون دولار ليتراوح في ٢٠٢٠ بين ٧٠ إلى ٨٠ مليون دولار حول العالم حسب نتائج البنك الدولي.
وفي تعليقه عن هيمنة رأس المال في البلاد العربيَّة، أوضَّح أبو شقرا أنَّ هذا التراجع الإجمالي يُعد لمصلحة أصحاب النفوذ. وقال إنَّ "الإعلان محكوم برضا السلطات العربيَّة أكثر من كونها مستوى نجاح الحملة التسويقيَّة والتجاريَّة". لذلك من السهل جداً أن يضغط السياسيون أو رجال الأعمال على المؤسسات الإعلاميَّة من خلال قطع إعلانات القطاعات الخاصة عنها.
الديمقراطيَّة شعارٌ لا يطبق
أحياناً يكون القمع والتسلط مباشراً أكثر، فيتم عقد صفقاتٍ بمليارات الدولارات لجهاتٍ معيَّنة من أجل نقل أخبار غير حقيقيَّة تؤذي الطرف المنافس. وهذا ما يتم مناقشته في غالبيَّة الأفلام التي تعالج القضايا السياسيَّة والصحفيَّة منها فيلم "الدكتاتوريَّة المثاليَّة" الذي يعرض إتفاقيَّة سريَّة بين أحد المرشحين الحكام - صحاب رأس المال - مع مؤسسة إعلاميَّة ليتم تغطيَّة جرائمه وزيادة شعبيَّته لفوز الإنتخابات الرئاسيَّة. وكان هذا هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكيَّة في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب الذي سعى لإستخدام قناة فوكس التلفزيونيَّة كوسيلة لدعم حملته السياسيَّة.
ورغم محاولات ترامب السيطرة على ما يبثه الإعلام إلا أن هذا لم يؤدي إلى نتيجة مع الجمهور، فآخر استطلاعات مركز غالوب للدراسات تشير إلى أنَّ غالبية الأمريكيين لا يثقون بالإعلام وخاصة بعد هيمنَّة ستة شركات عالميَّة على ٩٠٪ من إعلام الولايات المتحدة الأمريكيَّة منذ ٢٠٠١، بحسب دراسة من جامعة كولومبيا تم نشرها (متى؟) في كتاب "من يملك الإعلام العالمي" لجامعة أوكسفورد البريطانيَّة.
في ضوء الآتي، يتسأل صحفيون إذا كان عليهم التضحيَّة بحريَّة الصحافة والفكر للمحافظة على استمراريَّة المؤسسة الإعلاميَّة؟
"خلافاً لأي استثمارٍ آخر، تمويل المؤسسات الإعلاميَّة سيقضي عليها أخلاقياً ومهنياً"، هكذا شددت الإعلاميَّة من تلفيزيون سما دبي، ميثاء إبراهيم، على أنْ تكون السلطات وأصحاب الشركات العابرة للحدود منفصلة بشكلٍ تام عن الجهَّات الإعلاميَّ إيماناً منها بأنَّ "الجمهور ذكي جداً". لذلك تشرح بأنَّه لا تستطيع أي جهة إعلاميَّة أن تعمل لصالح دعم سياسة معيَّنة أو شخص دون أن تُكشَف وتَخسر مصداقيتها.
وفي حديثها عن الحلول المقترحة فيما يتعلق بالمؤسسات الإعلاميَّة التي يظهر تحيَّزها إلى طرف أحد المرشحين السياسيين، أصرَّت الإعلاميَّة على أن يكون هناك رقابة مشدّدة موضحتاً "كل مرشَّح له الحق في التغطيَّة التلفزيونيَّة المتساويَّة مع نظيره". وأضافت "يجب حماية الصحفيين من الاعتداء والقمع أو من أي تهديد لإقفال المؤسسة الإعلاميَّة".
لذلك الجدير بالذكر أنه من بين قوانين الولايات المتحدة الأمريكيَّة يوجد هناك قانون الراديو لعام ١٩٢٧ والذي هو "أول قانون بث رئيسي" يوفر الأساس لقاعدة تكافؤ الوقت والفرص بين المرشحين السياسيين في المحطات الإذاعيَّة ومحطات التلفزيون وأنظمة الكابلات. وكان هذا البند نتيجة المخاوف المتزايدة من محاولة بعض المذيعين التلاعب بالانتخابات الرئاسيَّة.
Comentários