تعديلاتٌ جذريَّةٌ "ثوريَّةٌ" في دولة الإماراتِ العربيَّةِ المتحدةِ
"شمَلَ انتشار جائحة كوفيد - ١٩، التعديلات القانونيَّة في شُّؤون المعاملات المدنيَّة والعقوبات وقانون الإجراءات الجزائيِّة"، حسب ما أفادنا به قاضي الأحوال الشخصيَّة، الدُّكتور محمَّد عبيد الذي أكَّد على انقسام أهداف كلٍّ من القوانين المعدَّلة منها لتأمين مجتمع مرغوب به من قِبَلِ كافة الجنسيات والثقافات أو لتأمين الاستقرار الا جتماعي وغيرِها من الأهداف المختصَّة بالمجتمع الإماراتيّ.
وفي سؤاله عن التَّعديلات التشريعيَّة الأخيرة، قال "تتصدَّرُ الإمارات قائمة الدّول الأولى التي تحتوي على تنوع الثقافات باختلاف الجنسيات، لتكون هي القدوة المُثلى في احترام حريَّة رأي وتعبير المغتربين دون مخالفة تعاليم القرآن الكريم".
وشدّد على أنَّ "التّعديلات في شؤون الأحوال الشّخصيَّة كان هدفُها واضحٌ في حماية العنصر الأضعف في المجتمع - المرأة والطفل" وكانت هذه التَّعديلات ما قبل جائحة كوفيد - ١٩، إلَّا أنَّهم حرصوا على التطوير لمنح المرأة حقوقاً متساويَّة مع الرجل في أن تكون عصمة الطلاق في يدها. وتهدف القوانين المعدّلة إلى الحدِّ من ارتكابِ الجرائمِ البشعة التي تندرج تحت مسمى الشرف. حيث تم إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف للرَّجل الذي يرتكب جريمته. وحين سُئِل عن الهدف الرئيسي، أكدَّ بأنَّ "المحاكم تعمل على حماية الاستقرار الاجتماعي للمواطنين والوافدين حسب توجيهات القيادة الرشيدة".
بينما التَّعديلات الّتي شملت قانون العقوبات أثارت الجدل الأوسع؛ لأنّ بعضها ينبع من منظور أجنبي لا يمثل تقاليد مجتمعٍ مسلمٍ متديِّن. لذلك أقرَّ المحامي القانوني، عقيل عباس، أن "هذه التَّعديلات ستفيد الشَّخص الأجنبيّ أو القادم من ثقافاتٍ منفتحة لعالم المساكنة لغير المتزوجين" حيث أكَّد على أنَّ هذه التَّعديلات تسمح للوافدين بأن يعيشوا بسلام في مجتمعٍ يحترم كل الطَّوائف المختلفة وهو مجتمع جاهز لكلِّ الأفكار التَّطوريَّة الَّتي تمثِّل قيم القيادة الرّشيدة والشّعب.
وفي سؤاله عن التّأثيرات الَّتي من الممكن أن تُخلِفُها هذه القوانين على شباب المجتمع العربي، أفاد بأنّ "المانع الوحيد للمساكنة غير الشرعيّة ولشرب الكحول هو الإلتزام الدّيني، ويقرّره الشّخص نفسه".
"تعمل محاكم الدَّولة منذ ثلاث سنواتٍ على هذه التَّعديلات التي أُقِرَّتْ في مطلع الشَّهر الماضي"، هذا ما وضّحه نائب مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان بشرطة دبيّ، العقيد عبدالرَّحمن الشَّاعر المنصوري. حيث شرح بأنَّ الشَّرطة قد باشرت بتَّطبيق القانون فور صدوره بالإضافة إلى أنَّ هناك بعض الإجراءات الدَّاخلية تقوم الشَّرطة بتحديثها لمواكبةِ القانون الجديد المعدَّل.
وعند سؤالنا عن آثار هذه التَّعديلات على مجتمعٍ عربيٍّ، صرّح مدير إدارة الشَّؤون القانونيَّة بشرطة دبيّ، الدُّكتور عبدالرَّحمن العبدلي، بأنَّه لم تتبيّن نتائج هذه التَّعديلات حتى الساعة أو نرى تداعياتها على المجتمع الغربيَّ والعربيَّ؛ لأنَّ معظم هذه التصرفات كانت موجودة، ولكنّ باتت الآن "لا يعاقب عليها القانون".
رأي الاستشاريين في هذا القانون
لكن بعيداً عن القانون وشرعيَّته، تُؤثّر هذه التَّعديلات على مجالات مختلفة. وفي الحديث مع مستشارة العلاقات الزّوجيَّة، جسي طعمة، عن تعديلات قوانين دولة الإمارات، أكدَّت بأنَّ "كلَّ ممنوع مرغوب". وأثبتت بقولها إنّ الوطن العربي يسجَّل أعلى نسب الإدمان على مشاهدة "الأفلام الإباحيَّة" وتقارب نسبة إدمان الكحول فيه. وتابعت "إنّ هذا القانون قد حلَّ مشاكلاً عديدةً منها الاغتصاب وغيرها". وأضافت طعمة "هذه القوانين لن تؤثر على العلاقات الزوجيِّة لأنَّ المساكنة بينهما ليست تجربة زواج من حيث المسؤوليات والأفكار".
أما على الصَّعيد النَّفسيّ، فوضحّت المعالجة النفسيَّة، دانيلا سالازار، بأن "حريَّة الإنسان تُحسِّن من نوعيَّة حياته". لذلك ترى بأنَّ نتائج هذه التَّعديلات كانت إيجابيَّة وتحملُ معها الكثير من التَّغيرات الجذريّة التَّي ستفتح آفاقاً متميَّزةً لدولة الإمارات العربيَّة المَّتحدة في هذا المجال. وأضافت بأنَّها خطوة جميلة للتَّرحيب بالجميع وتأمين "بيئة تحترم ثقافتهم رغم الاختلافات".
آراء المجتمع الإماراتي
وفي هذا السياق، قالت لوسيل كوروين كوساكوسكا (٤٠ عاماً)، بأنَّها سعيدة جداً كمواطنة أمريكيَّة، من هذه الخطوة التَّي اتَّخذتها الإمارات من أجل ترسيخ مبدأ المسامحة وتحفيز المغتربين للاستقرار لفتراتٍ أطول في هذه البلد المعطاء. وذكرت بأن تلكَ التَّعديلات "تصبُّ في تحسين مكانة الإمارات دولياً"
ولكن على النَّقيض، لم توافق المواطنة بدريَّة العوضي (٤٢ عاماً) على جميع القوانين لا سيما قانون المساكنة الذي أشارت إلى نتائجه السلبيَّة القاسيَّة على شباب المجتمع وبناته في المجال الأخلاقي. وأوضَّحت "قد يكون هو السَّبب وراء التَّفكك الأسري القائم في المستقبل" مطالبةً بعدم تعميم هذا القانون على الشَّعب الإماراتي والدول الإسلاميَّة. وتؤيِّد هذا الرأي الشَّابة المواطنة هند ناصر (٢٠ عاماً)، حيث ترى بأن هذا القانون سيؤثر على المجال الفكري الأخلاقي للشباب المتأثرين "بالعادات الأجنبيَّة". مضيفةً "هذا القانون سيفتح باب التمرّد على العادات والتقاليد العربيَّة العريقة التي تتمثل بالأخلاق الإسلاميَّة مما يؤدي إلى إنحراف الشباب بعيداً عن الدين". وكانت العوضي من أشدِّ الدّاعمين لقانون حقوق المرأة داعيَّة إلى "تكريم المرأة دائماً وأبداً، فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والعاملة والمربيَّة في المجتمع".
والجّدير بالذِّكر، فقد تمَّ تعديل بعض المراسيم لأحكام الدَّولة الاتَّحاديَّة المعلنة سابقاً من قبل رئيس الدَّولة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري. وأتاحت هذه التعديلات المجال لغير المواطنين لاختيار القوانين التي تنطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث والطلاق، وتم تعزيز الحرية الشخصيَّة حيث رُفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير مثل المساكنة غير الشرعيَّة وشرب الكحول.
Comments