"نعلن للرأي العام بأنه وفق تحقيقات قوات الشرطة، فإن الحادث ناجم عن عملية انتحار"، هذه إحدى العبارات التي تتبناها بعض دولنا العربية، التي يسود فيها الحكم الدكتاتوري، الذي ينفي كل ما وصل إليه بنو آدم من حرية الرأي والتعبير. عمليات الإغتيال والاختطاف أو التهديدات المختلفة، باتت أساليب معروفة، لأن بيان واحد يكفي لتبرئة السلطة الحاكمة بعد النجاح في إسكات صحفي تعهَّد لنقل الحقيقة.
هذه قضية الصحفي العراقي، آمانج باباني وأسرته. وكان البيان الصادر عن شرطة محافظة السليمانية، التابعة لإقليم كردستان العراق، ينفي وجود أي مسلحين مجهولين قاموا بجريمة قتلهم.
ولكن من يستطيع أن يقاضي السلطة الحاكمة؟
قصة الإعلام العربي
"لو لم استخدم اسماً مستعاراً، لما كنت على قيد الحياة اليوم"، هذا الأسلوب أنقذ حياة منتج الأخبار في قناة العربية، وائل النبواني، وهو داخل الأراضي السورية. فقصته تشبهُ معظم الصحفيين الذين قرروا ممارسة حقهِم كسلطة رابعة، في زمن الذي توحدَّت فيه نوعية العمل الصحفي "التي تتملق الأجهزة الأمنية والحكومية" في عهد الرئيس بشار الأسد.
وأكد النبواني، بأنه لا توجد طريقة يضمن الصحفي سلامته، إذا قرر أن يكتب ضدّ أجندة التيار أو المليشيات المسيطرة. وأوضح بأن في المناطق مثل العراق، "لو لم يكن هناك رقابة حكومية تحاسب الصحفي، هنالك رقابة ميليشياوية." وهذا ما حصل مع الصحفي العراقي باباني.
أساس المهنة الصحفيَّة
"الموضوع ليس متعلِّق بحنكة وذكاء الصحفي عند تحرير أي خبر"، هكذا ردَّ الصحفي المذيع من تلفزيون دبي، محمد السلطي، عند سؤاله إن كان هذا الأسلوب الأجدر في حماية الصحفي. فهو يرى بأن "تطبيق أخلاقيات المهنة في الدرجة الأولى"، من الدقة وعدم تبني أي رأي والانحياز لجهة معينّة، ستؤمن له مسيرة مهنية آمنة. وشدد على أن "السلاح الوحيد في يد الصحفي يكون عندما يوثِّق كل مصادره الذي يحصل عليها".
الصحفي بين يد القانون
"لا يحمي القانون المغفلين"، هذه عبارة مرددة في مجتمعنا. لأن إن كان واجب القانون الإنصاف والعدل يوجد من يكون واجبه تلميع صورة الحكومة واستخدام البروباغندا لتخويف الآخرين.
قال المحامي من لبنان، علي الموساوي، بأن "البيئة العربية لا تكن أي ود للصحافة"، لذلك نرى أن الصحفي يلجأ إلى التحايل للإفلات من الرقابة من خلال "توجيه انتقادات للحكومة التي عادة لا يكون لها أي تأثير كبير في سلطة اتخاذ القرار" لأن القرار في يد الرؤساء أو الملوك ذات صلاحيات مطلقة.
وأضاف الموساوي، "الصحفي يلجأ إلي استخدام كلمات فضفاضة، تقبل معاني وتفسيرات متعددة، بصيغ مبنية للمجهول دون التركيز على شخصية محددة". وذكر بعض الأساليب المستخدمة، منها: "استخدام جنسيات غير جنسيته الأصلية، استخدام أسماء مستعارة بهدف الحماية".
وختم الموساوي في مقابلته، بالتشديد على "ممارسة الرقابة الذاتية كوسيلة للحماية" لأن كل الدول تتعامل في "مكيالين تبعاً لقانون المصالح والنفوذ والمكاسب دون تطبيق أي قانون دولي يخص حريات الرأي والتعبير".
وجدير الذكر، بأن النرويج تحتل المرتبة الأولى، في "التصنيف العالمي لحرية الصحافة ٢٠٢٠" بحسب موقع مراسلون بلا حدود. وتحتل العراق المرتبة ١٦٢ وسوريا في المرتبة ١٧٤. ولكن الأهم تَراجَع عدد الصحفيين الذين لقوا حتفهم في عام ٢٠١٩ بسبب عملهم الصحفي في الدول العربية، إلى أدنى مستوى له، منذ ١٧ عاماً.
Comments